الانسان ما بتعلم إلا من كيسه!
مثَل وحِكمة شائعة على مرِّ العصور، وهي تؤكِّد على الخِبرة الشَّخصيَّة الاختباريَّة المُكلفة أحيانًا، والَّتي تؤكِّد أنَّ الإنسان مهما تلقَّى من اختبارات ومعلومات من الآخرين لا تترك فيه أثرًا بقدر ما تفعل الخبرة الشَّخصيَّة.
توجد خبرات نكتسبها من المعلومات سواء خلال الدِّراسة أو التَّعليم العالي، وأخرى تنتقل إلينا من المجتمع والأشخاص من حولنا فنتعلَّم من الآخرين. ويساهم الإعلام والسُّوشال ميديا بتوفير معلومات متنوِّعة ومختلفة، وخصوصًا عندما نشاهدها مسموعة ومرئيَّة فتعلق في الذَّاكرة.
وهنا تكمُن صحَّة هذا المثَل؛ بأنَّ ما يتعلَّمه الإنسان بنفسه من خلال التَّجربة والتَّعرُّض للرِّبح والخسارة، وأحيانًا الألم النَّفسيِّ، والجسديِّ، والمادِّيِّ هو ما يعلق في الذِّهن حيث تشترك كلُّ الحواسِّ الإنسانيَّة في هذه الخبرة .
إنَّ تأثير الممارسة الشَّخصيَّة لمهارات الحياة، والتَّعرُّض لتبعاتها سواء السَّلبيَّة أو الإيجابيَّة هو من أقوى وسائل التَّعلُّم لأنَّ اشتراك العاطفة، والفكر، والجسد في التَّجربة يعطيها مكانة قويَّة في الذَّاكرة، ويكون استرجاع المعلومة أقوى -بأضعافٍ- ممَّا يسمعه الإنسان من الآخرين أو يشاهده.
ولتوضيح هذا الفكر سنُعطي مثلًا عن الطُّفولة؛ حيث تُحَذِّر الأم طفلها من الاقتراب من مصدر الحرارة سواء الفرن المُستخدَم للطَّهي، أو أيِّ جهاز آخر يُستخدَم للتَّدفِئة. فنجد أنَّ الطِّفل لا تهُمُّه هذه المعلومة ولا يُدرك خطورتها إلَّا بعد أن يحرق يده ويستشعر الألم بنفسه، فتُصبح هذه التَّجربة الشَّخصية الاختياريَّة أكبر مصدر له لكي يبتعد عن خطر الاحتراق؛ لأنَّها طُبِعت في الذَّاكرة العاطفيَّة والمعلوماتيَّة والجسديَّة.
ولكنَّ هذا ليس مبرِّرًا لكي يخوض الإنسانُ كلَّ تجارب الحياة بنفسه رغمَ معرفته السَّابقة بخطورتِها. فالإنسان العاقل المُنفَتح يكتسب مهاراتِه الحياتيَّة بانفتاحه على تجارب الآخرين، وعلومهم، والاستفادة منها، وخصوصًا في الأمور المتعارَف والمُتَّفَق عليها.
أضف تعليق