مساحة إعلانية 728×90

جريمة قتل جديدة داخل الخطّ الأخضر في فلسطين


الساحة الفلسطينية - يكاد لا يمرّ أسبوع، إلاّ ويستيقظ الفلسطينيّون داخل الخطّ الأخضر (اسرائيل) على جريمة قتل جديدة، كان آخرها مقتل الشابّة سمر خطيب (33 عاماً) من مدينة يافا وإصابة صديقتها من جرّاء إطلاق النار من مجهولين لم تعرف هويتهم على مركبتهما في 28 أيّار/مايو قرب مدينة ريشون لتسيون، سبقها مقتل الشاب عبد السلام عذبة (28 عاماً) من مدينة قلنسوة في 26 أيّار/مايو، بعد إطلاق النار عليه من قبل مجهولين أمام مدخل منزله، من دون أن تتّضح تفاصيل الجريمة وأسبابها. 

لقد جاءت الجريمتان، بعد أيّام من جريمتين قاسيتين، وقعت الأولى في مدينة يافا بـ17 أيّار/مايو أسفرت عن مقتل الشقيقتين نورة ملوك (21 عاماً) وحياة ملوك (19 عاماً) طعناً على يدّ شقيقهما، بحجّة المساس بما يسمى بـ"شرف العائلة" ، حسب ما قاله شقيقهما وفق موقع "عرب 48"، والثانية بـ16 أيّار/مايو أسفرت عن مقتل إمرأة في الخمسينيّات وابنتها (20 عاماً)، من جرّاء تعرّضهما للطعن في مدينة طبريّا على يدّ مجهول.

وباتت ظاهرة القتل والعنف إحدى أكثر الظواهر التي تعصف بالمجتمع الفلسطينيّ في اسرائيل، خصوصاً في ظلّ ارتفاع عددها، وحمّلت مديرة جمعيّة "نساء ضدّ العنف" داخل اسرائيل نائلة عوّاد في حديث لـ"الساحة الفلسطينية" أجهزة الأمن الإسرائيليّة المسؤوليّة عن هذه الجرائم، قائلة: "إنّ الفلسطينيّين في اسرائيل يعيشون كأقليّة قوميّة في الدولة ويعانون من التمييز والتهميش. ولذلك، نجد أجهزة الأمن الإسرائيليّة لا تكترث لانتشار السلاح أو ملاحقة القتلة ومعاقبتهم".

وللتدليل على ذلك، أشارت نائلة عوّاد إلى أنّ جريمة مقتل الشقيقتين ملوك في يافا كانت متوقّعة، لأنّ القاتل كان في السجن وقدّمت ضدّه لائحة اتهام بممارسة العنف وتشكيل خطر على السكّان، مع تقارير تفيد بوجود مشاكل نفسيّة لديه، لكنّ الشرطة تجاهلت ذلك وأطلقت سراحه، رغم شكاوى العائلة أكثر من مرّة من العنف الذي يمارسه ابنها.

ووقعت منذ بداية عام 2018 حسب إحصائيّات "مركز أمان- المركز العربيّ للمجتمع الآمن" 25 جريمة قتل في صفوف الفلسطينيين في اسرائيل (عرب اسرائيل) ، من بينها 4 حالات من مدينة يافا خلال أيّار/مايو فقط، من بينها 3 نساء، كانت أوّلها في 13 أيّار/مايو حين قتل الشاب رامي فطايرجي (22 عاماً) في جريمة إطلاق نار بحيّ العجمي، بعدها قتلت الشقيقتان نورا وحياة ملوك في 17 أيّار/مايو، بينما كانت خطيب الضحيّة الأخيرة.

وتشهد معدّلات القتل في المدن والقرى العربية في اسرائيل ارتفاعاً من عام إلى آخر، إذ بلغت في عام 2015 بحسب إحصائيّات مركز "أمان" 58 جريمة قتل، من بينها 14 امرأة، وارتفعت إلى 64 جريمة قتل، من بينها 10 نساء في عام 2016 لتبلغ 72 جريمة قتل من بينها 10 نساء في عام 2017 غالبّيتها ارتكبت باستخدام السلاح الناريّ.

وشهدت المدن والبلدات الفلسطينيّة داخل الخطّ الأخضر حراكاً مجتمعيّاً وسياسيّاً ضدّ العنف، وتقصير السلطات الإسرائيليّة في محاربته، حيث شارك العشرات من الناشطات والناشطين السياسيّين وجمعيّات المجتمع المدنيّ بـ17 أيّار/مايو في تظاهرة بمدينة الناصرة، احتجاجاً على جرائم قتل النساء، سبقتها في 6 أيّار/مايو مسيرة سيّارات انطلقت من مدينة أمّ الفحم باتّجاه مكتب رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو في القدس، لمطالبته بالعمل على مكافحة السلاح والجريمة.

وأشارت رئيسة لجنة مكانة المرأة في الكنيست الإسرائيليّ النائب عايدة توما في حديث لـ"الساحة الفلسطينية" إلى أنّ استشراء الجريمة في المدن والقرى العربيّة سببه أنّ الشرطة الإسرائيليّة لا ترغب في وضع حد للمجرمين ، كما انها لا تبذل جهدا حقيقيا في التحقيق بالجرائم كما تقتضي الحاجة، وقالت: إنّ 70 في المئة من حالات القتل التي وقعت في السنوات السابقة في المدن والبلدات العربية لم يتمّ حلّها، وهذا يعني أنّ 70 في المئة من القتلة لا يزالون أحراراً، الأمر الذي يزيد فرصة وقوع جرائم أخرى.

واتّهمت توما قوات الامن الإسرائيليّة بغض الطرف عن انتشار الاسلحة ، قائلة: "هم لا يريديون إجراء رقابة حقيقيّة على السلاح، لأنّهم يدركون أنّه سيستخدم ضدّ الفلسطينيّين، ولو كان لديهم شكّ باستخدامه ضدّ يهوديّ لقلبوا قرانا ومدننا رأساً على عقب حتّى يحصلوا عليه".

وحسب الإحصائيّات التي نشرها موقع "عرب 48" المستندة إلى معطيات رسميّة، فإنّ القرى والمدن العربية في اسرائيل تعاني من فوضى السلاح، إذ بلغ عدد قطع السلاح غير المرخّص في إسرائيل حوالى 400 ألف قطعة، 80 في المئة منها في البلدات العربية.

إضافة إلى ذلك، قالت توما: "إنّ هناك ارتفاعاً في مستوى الجريمة المنظّمة والعصابات والمافيات في المجتمع الفلسطينيّ، والتي بدورها تجذب الشباب للانخراط في صفوفها، في ظلّ معاناتهم من الفقر والبطالة وانعدام فرص العمل وإغوائهم بالحصول على المال الكثير وبسرعة".

من جهته، أكّد الناشط في مكافحة العنف والجريمة داخل المناطق الفلسطينيّة في إسرائيل ومدير "مركز أمان - المركز العربيّ للمجتمع الآمن" رضا جابر في حديث لـ"الساحة الفلسطينية" أنّ "المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل فقد السيطرة على نفسه لأنّه مجتمع داخل منظومة إسرائيليّة لا يستطيع استخدام القوّة لفرض النظام، بينما السلطات الإسرائيليّة لا تدخل البلدات الفلسطينيّة للقضاء على الجريمة ومحاربة العنف"، وقال: "إنّ عصابات الإجرام المنظّمة في مجتمعنا لها جذور، وقد أخذت زمام المبادرة، وأصبحت تسيطر على جزء من حياتنا، وتتدخّل في حلّ النزاعات بين الناس من أجل اكتساب المال والمكانة الاجتماعيّة، وباتت سلطة ذات قرار وهيمنة".
يتم التشغيل بواسطة Blogger.