مساحة إعلانية 728×90

السلطة الفلسطينيّة تطمح إلى تحرير الكهرباء من السيطرة الإسرائيليّة



الساحة الفلسطينية

أبرمت السلطة الفلسطينيّة ممثّلة بشركة "النقل الفلسطينيّة الوطنيّة للكهرباء" (شركة عامّة حكوميّة) مع إسرائيل ممثلة بشركة الكهرباء الاسرائيلية، في 1 أيّار/مايو، اتفاقاً لمدّة 15 عاماً، يخوّلها شراء الكهرباء بالجملة من إسرائيل، وتزويد الضفّة الغربيّة بها.

وتتزوّد الضفّة بالكهرباء من إسرائيل منذ احتلالها عام 1967 ، عبر شركات توزيع فلسطينية محليّة خاصّة كانت تحصل مباشرة على الكهرباء مباشرة من شركة الكهرباء الاسرائيلية كشركتيّ "كهرباء محافظة القدس" و"توزيع كهرباء الشمال" أو من خلال البلديّات المحليّة عبر 250 نقطة ربط وقطع للتيّار الكهربائيّ تملكها تابعة لشركة الكهرباء الاسرائيلية.

وتسبّبت هذه الطريقة في تراكم الديون (أثمان الكهرباء) على مزوّدي الكهرباء الفلسطينيّين، بسبب عدم قدرتهم على تحصيل الثمن من المواطنين، الأمر الذي دفع بالحكومة الإسرائيليّة إلى اقتطاع قيمة الديون من أموال الضرائب الفلسطينيّة (المقاصّة) في كلّ مرّة يعجز أيّ مزوّد عن سداد المبالغ المترتّبة عليه.

ومن أجل وقف اقتطاعات أموال الضريبة من قبل إسرائيل وإحكام سيطرتها على قطاع الكهرباء، صادقت الحكومة الفلسطينيّة خلال اجتماع لها في الأوّل من تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2013 على تسجيل شركة "النقل الوطنيّة للكهرباء" كشركة حكوميّة أولى، لتُشرف على بناء وتشغيل منظومة نقل الكهرباء، وتكون الوحيدة المخوّلة شراء الكهرباء وتوزيعها على السوق الفلسطينيّة، الأمر الذي يجعلها قادرة على سداد أثمان الكهرباء، وبالتّالي وقف الاقتطاعات الإسرائيليّة من أموال المقاصّة، وتحقيق أرباح من جرّاء ممارسة ضغوط مباشرة على شركات التوزيع المحليّة والبلديّات لتسديد ما عليها من مستحقّات.

كما أعاد الاتفاق المبرم في 1 ايار/مايو ترتيب ملف الديون الفلسطينيّة لشركة الكهرباء الإسرائيليّة بعد 3 سنوات من توقيع الحكومة الفلسطينيّة اتفاقاً في 13 أيلول/سبتمبر من عام 2016 مع إسرائيل لتسوية ديون السلطة، البالغة آنذاك حوالي ملياريّ شيقل (556 مليون دولار).

وحظي الاتفاق بإشادة المسؤولين الفلسطينيّين والإسرائيلييّن، إذ قال رئيس هيئة الشؤون المدنيّة الفلسطينيّة حسين الشيخ، الذي أشرف على توقيع الاتفاق: "إنّ الاتفاق سيتمّ بموجبه تحرير قطاع الطاقة الكهربائيّة من السيطرة الإسرائيليّة الكاملة التي استمرّت عقوداً طويلة".

أمّا وزير الطاقة الإسرائيليّ يوفال شطاينتس فقال عقب توقيع الاتفاق في 1 ايار/مايو، حسب الموقع الإلكترونيّ لمكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيليّة في المناطق (المنسّق): "مع التوقيع على الاتفاق، يمكن التقدّم مع الفلسطينيّين لتطوير شبكة كهرباء عصريّة".

وبحسب الجزيرة أشار مدير وزارة الماليّة الإسرائيليّة شاي باباد إلى أنّ الاتفاق "يخلق واقعاً جديداً في قطاع الطاقة للفلسطينيّين، ويقلّص القيود على إمدادات الكهرباء، ويعزّز الاستقرار الاقتصاديّ، ويفتح حقبة جديدة في العلاقات الاقتصاديّة بين الجانبين".

من جهته، قال رئيس مجلس إدارة "الشركة الوطنيّة" الناقلة الذي وقع الاتفاق ورئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم لـ"الساحة الفلسطينية": إنّ إسرائيل هي المصدر الرئيس لـ97 في المئة من الطاقة الكهربائيّة المستهلكة في الضفّة الغربية، حيث تتراوح فاتورة الاستهلاك الشهريّة بين 170 و200 مليون شيقل (47-55.5 مليون دولار) (قبل الاتفاق).

ولفت إلى أنّ الاتفاق المبرم تمّ بعد 3 سنوات من المفاوضات الفنيّة بين الطرفين.

وبموجب الاتفاق، سيتمّ السماح لـ4 محطّات تحويل تابعة لشركة النقل في الضفّة بالعمل وهي (محطة الجلمة في محافظة جنين شمال الضفة الغربية، محطة ترقوميا جنوب الضفة الغربية، ومحطة صرة شمال الضفة الغربية، محطة رام الله وسط الضفة الغربية)، وفق ظافر ملحم، الذي قال أيضاً: "ستقوم إسرائيل بتحويل الكهرباء لتلك المحطّات لتوزيعها على الفلسطينيّين، على أن يتمّ خلال الـ5 سنوات المقبلة بناء 5 محطّات جديدة، بالتعاون بين السلطة وإسرائيل، وسننتهي من بناء محطّة لتوليد الكهرباء في جنين وإعادة تأهيل شبكة النقل".

ومن الأهداف التي يسعى الفلسطينيّون إلى تحقيقها بموجب الاتفاق، خلق العناصر الـ3 لأيّ نظام كهربائيّ، وهي: التوليد، النقل، والتوزيع، حسب ملحم، الذي قال أيضاً: إنّ الاتفاق "سيمكّن الحكومة من الاستثمار وبناء شبكات نقل كهرباء فلسطينيّة حديثة، وتقليل الاعتماد على الجانب الإسرائيليّ في التزوّد بالكهرباء، لأنّ الاتفاق يسمح لنا بربط مشاريع إنتاج الكهرباء بهذه الشبكات، وربطها كذلك بالدول العربيّة القريبة من فلسطين كالأردن ومصر".

وكانت نجحت السلطة الفلسطينيّة في تزويد مدينة أريحا بالكهرباء (الضغط المتوسّط) من الأردن منذ عام 2008، وفق ملحم، الذي أشار أيضاً إلى "وجود تفاهمات شفهيّة مع الأردن لتفعيل هذا الربط وتوسعته، ليشمل الضغط العالي، الأمر الذي يمكّننا من شراء طاقة أكبر من الأردن".

أضاف: "إنّ الاتفاق منحنا فرصة امتلاك شبكة النقل والتحميل. وبالتّالي، أتاح لنا استيراد الكهرباء من أيّ دولة عربيّة مربوطة مع الأردن مثل مصر أو العراق أو دول الخليج".

وتعوّل سلطة الطاقة على محطّة توليد الكهرباء في جنين - شمال الضفّة، التي ستنتج 455 ميجاواطاً، أيّ ما يشكّل 40 في المئة من كميّة الكهرباء المستهلكة في الضفّة وقطاع غزّة، والتي ستكون جاهزة للعمل خلال عام 2021، حسب ملحم، لتخفيف الاعتماد على إسرائيل، لافتاً إلى "وجود دراسات معمّقة لبناء محطّة توليد جديدة في محافظة الخليل - جنوب الضفّة".

ورغم أزمة الكهرباء التي يعاني منها قطاع غزّة، إلاّ أنّ الاتفاق لن يشمله في الوقت الراهن، نظراً لعدم تمكين الحكومة من العمل في غزّة، حسب ملحم، الذي قال أيضاً: "حتّى نتحمّل مسؤوليّة ملف الكهرباء بالكامل في غزّة يستوجب وضع بعض الضوابط الماليّة داخليّاً وتمكين حكومة التوافق الوطني من العمل، فنحن في حاجة إلى التحكّم بالنظام الكهربائيّ في القطاع، وتوفير السيولة الماليّة. وهذا لن يحدث، إلاّ بإعادة تأهيل أوضاع شركة توزيع الكهرباء في غزّة وتصويبها، وتطبيق القوانين والتشريعات المطبّقة في الضفّة".

وسيسهم الاتفاق في خفض التعرفة الكهربائيّة (ثمن الكهرباء) على الفلسطينيّين، لأنّه سيتمّ "شراء الكهرباء من إسرائيل بالجملة، وبتعرفة متّفق عليها. كما أنّ توحيد نقاط الربط العشوائيّة بنقاط محدّدة وسيطرة السلطة على شبكات النقل والتحميل سيؤدّيان إلى منع السرقات"، حسب ملحم، الذي قال أيضاً: "هناك نقاش ما زال قيد البحث مع الطرف الإسرائيليّ حول أسعار الكهرباء سيؤدّي إلى خفض سعرها، لكنّ الآن لا أستطيع البوح بتفاصيله".
يتم التشغيل بواسطة Blogger.