مساحة إعلانية 728×90

الكرت الأحمر لوقف الكارثة الاقتصاديّة في غزّة



هدّدت مؤسّسات القطاع الخاص في قطاع غزّة بـ23 نيسان/إبريل الجاري بتنفيذ عصيان اقتصاديّ واغلاق المعابر التجاريّة ووقف دفع أيّ أموال ضريبيّة إلى الجهات الحكوميّة الفلسطينيّة كخطوة أخيرة من قبلها للضغط على إسرائيل من أجل فكّ الحصار عن القطاع، وعلى الرئاسة الفلسطينيّة من أجل وقف العقوبات التي فرضتها ضدّ قطاع غزّة منذ نيسان/إبريل من عام 2017 وبلغت ذروتها الشهر الحاليّ بوقف رواتب الموظّفين العموميّين في القطاع.

وقالت مؤسّسات القطاع الخاص في بيانها، الذي تلقّى "الساحة الفلسطينة" نسخة منه: "لقد اقترب قطاع غزّة في كلّ مناحيه وقطاعاته الحيوية من بلوغ نقطة الصفر، وبات قاب قوسين من الانهيار الكامل، ولم يعد هنالك أيّ مجال للصمت، فغزّة تحتضر، والانهيارات تتوالى اقتصاديّاً واجتماعيّاً وصحيّاً، والمشاريع الدوليّة تعطّلت".
أضاف البيان: "لقد طالبنا بلقاء عاجل مع الرئيس محمود عبّاس، وحتّى هذه اللحظة لم نتلقّ الردّ منه".
وأشار إلى أنّهم نفّذوا فعاليّات احتجاجيّة عدّة خلال الأشهر الماضية، في محاولة لإيصال وتوجيه رسائل إلى كلّ الأطراف بدءاً بإسرائيل، مروراً بدول الإقليم والمجتمع الدوليّ، وصولاً إلى السلطة الفلسطينيّة وحركة "حماس"، إلاّ أنّهم فوجئوا بصمت تلك الأطراف على معاناتهم.
تهديدات القطاع الخاص تلك، سبقتها خطوات احتجاجيّة نفّذت في غزّة بدأت في 22 كانون الثاني/يناير الماضي بإضراب تجاريّ شامل، تبعه في 28 كانون الثاني/يناير الماضي وقف إدخال البضائع ليوم واحد فقط عبر معبر كرم أبو سالم - جنوب قطاع غزة، ناهيك عن خطوات عدّة قامت بها تلك المؤسّسات لإنقاذ اقتصاد غزّة.
وأكّد رئيس اتّحاد المقاولين الفلسطينيّين علاء الدين الأعرجي في حديث لـ"الساحة الفلسطينة" أنّ التهديد الذي أطلقته مؤسّسات القطاع الخاص بتنفيذ عصيان اقتصاديّ هدفه لفت الأنظار إلى الوضعين الاقتصاديّ والتجاريّ شبه المشلولين في قطاع غزّة، متمنياً استجابة الأطراف المعنيّة لمطالبها قبل تنفيذ خطواتها التي هدّدت بها، موضحاً أنّها تدرك جيّداً تبعات تلك الخطوات الاحتجاجيّة، وفي مقدّمتها التوقّف الاقتصاديّ الكامل، مشيراً إلى أنّ هدفها وضع حدّ للحصار المفروض على قطاع غزّة ووقف الإجراءات العقابيّة التي اتخذتها السلطة الفلسطينيّة وأثّرت على كلّ بيت في القطاع.
هذا وأظهر تقرير صادر عن المركز الفلسطينيّ للإحصاء في 14 نيسان/إبريل الجاري أنّ نسبة الفقر في قطاع غزّة وصلت إلى 53 في المائة.
وكشف رئيس اتحاد الغرف التجاريّة الفلسطينية خليل رزق في حديث لـ"الساحة الفلسطينة" عن اتصالات تجريها الغرف التجاريّة مع السلطة الفلسطينيّة من أجل وقف الإجراءات المتّخذة ضدّ قطاع غزّة، متمنياً أن تنجح الخطوات التي قد ينفّذها القطاع الخاص خلال الأيّام المقبلة في وقوف الأطراف المسؤولة عن انهيار اقتصاد قطاع غزّة عند مسؤوليّاتها.
أمّا المدير العام للتخطيط والسياسات في وزارة الاقتصاد بغزّة أسامة نوفل فشدّد على أنّ غزّة بانتظار ما يطلق عليه "اقتصاديّات حرب" في حال نفّذت الخطوات التي هدّد بها القطاع الخاص في غزّة، وفي مقدّمتها إغلاق المعابر ومنع إدخال البضائع والموادّ الاستهلاكيّة إلى غزّة، مطالباً كلّ الأطراف، وفي مقدّمتها إسرائيل والسلطة الفلسطينية والمسؤولون في غزّة، بتحمّل المسؤوليّة والتدخّل لوقف الانهيار الاقتصاديّ.
وكشف أنّ وزارته، بالتعاون مع قطاعات اقتصاديّة مختلفة في غزّة، تقوم بخطوات وقائيّة عدّة من أجل تلافي حالة الانزلاق نحو الكارثة الاقتصاديّة، متمنياً ألاّ يصل الأمر إلى حالة عصيان اقتصاديّ.
وبعد يوم من تهديدات القطاع الخاص، دعت 100 مؤسّسة أهليّة في قطاع غزّة بـ24 نيسان/إبريل الجاري الرئيس محمود عبّاس إلى صرف رواتب الموظّفين العموميّين في غزّة. كما طالبت إسرائيل برفع حصارها عن القطاع من أجل وقف ما وصفته بـ"حالة الانهيار الاقتصاديّ المتسارع في قطاع غزّة".
من جهته، اعتبر رئيس تحرير صحيفة "الاقتصاديّة"المحليّة محمّد أبو جياب في حديث مع "الساحة الفلسطينة" أنّ الخطوات غير المسبوقة التي ينوي القطاع الخاص القيام بها تعكس حالة الانهيار الكامل لاقتصاد قطاع غزّة، متوقّعاً أن تنفّذ تلك الخطوات، في ظلّ رفض إسرائيل رفع حصارها، والسلطة الفلسطينيّة وقف العقوبات ضدّ غزّة.
ولفت إلى أنّ الجهات العليا في السلطة الفلسطينيّة، والتي اتّخذت قرار فرض العقوبات وأوقفت رواتب الموظّفين، تدرك جيّداً أنّ اقتصاد غزّة قائم على تلك الرواتب، وهدفها من ذلك انتزاع أثمان سياسيّة من حركة "حماس" والمتمثّلة في تسليم قطاع غزّة إلى الحكومة.
وتوقّع أنّ يكون هدف العصيان الاقتصاديّ استجلاب اهتمام دوليّ وإقليميّ من أجل إنقاذ اقتصاد غزّة، مستبعداً في الوقت ذاته أن تنجح تلك الخطوات في الضغط على إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة لوقف الحصار والعقوبات كون اقتصاد غزّة أصبح لا يشكّل إيراداً ماليّاً مهمّاً للسلطة بفعل حالة الانهيار التي يعاني منها، والدليل على ذلك أنّ عدد الشاحنات الذي يدخل إلى قطاع غزّة عبر معبر كرم أبو سالم انخفض إلى أقلّ من 350 شاحنة يوميّاً، بعد أن كان يتراوح بين 800 و1000 شاحنة يوميّاً خلال عاميّ 2015 و2016.
وأظهر تقرير صادر عن غرفة تجارة وصناعة غزّة في 11 نيسان/إبريل الجاري تراجع وارادت قطاع غزّة عبر معبر كرم أبو سالم إلى 15 في المائة خلال الربع الأوّل من عام 2018، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
بدوره، رأى عضو شبكة المنظّمات الأهليّة والمحلّل الاقتصاديّ محسن أبو رمضان في حديث مع "الساحة الفلسطينية" أنّ قطاع غزّة لا يستطيع تحمّل المزيد من الصدمات الاقتصاديّة، في ظلّ نفاد السيولة النقديّة وتوقّف المشاريع الحيويّة وتكبّد القطاعات الاقتصاديّة كافّة خسائر فادحة.
وأشار إلى أنّ إجماليّ ما تقدّمه السلطة الفلسطينيّة إلى قطاع غزّة 100 مليون دولار شهريّاً، 70 مليون دولار منها تذهب لرواتب الموظفين الحكوميين وفقدان ذلك خلال الشهر الحاليّ تسبّب بشلل الدورة الماليّة في الأسواق والبنوك، داعياً مؤسّسات القطاع الخاص في الضفّة الغربيّة إلى مساندة نظيراتها في غزّة عبر القيام بخطوات للضغط على المسؤولين الفلسطينيّين من أجل التراجع عن الإجراءات العقابيّة ضدّ غزّة.
الأوضاع الاقتصاديّة في قطاع غزّة يبدو أنّها ستشهد المزيد من الانتكاسات، في ظلّ ضبابيّة مصير رواتب موظّفي السلطة الفلسطينيّة وتراجع المساعدات الدوليّة للفلسطينيّين خلال العام الجاري وتحذير وكالة الأمم المتّجدة لإغاثة وتشغيل اللاّجئين الفلسطينيّين في الشرق الأدنى- الأونروا من تعذّر تقديم خدماتها إلى اللاّجئين خلال الأشهر المقبلة من جرّاء العجز الماليّ الذي تعاني منه.

يتم التشغيل بواسطة Blogger.