فلسطينيّة من الخليل تنافس الرجال في تحكيم مباريات كرة القدم
اقترب
حلم ياسمين نيروخ (29 عاماً) من مدينة الخليل - جنوب الضفّة الغربيّة،
والمتمثّل بحمل الشارة الدوليّة في تحكيم كرة القدم من التحقّق، إذ تستعدّ
للإشتراك في المرحلة الأولى من دورة واختبار سينظّمها الاتّحاد الآسيويّ في
مدينة رام الله بأيّار/مايو المقبل، ضمن رحلة حصولها على الشارة الدوليّة،
ستتبعها مرحلة ثانية في ماليزيا أو الأردن، وفق ما كشفته نيروخ
لـ"الساحة الفلسطينية".
وكان الاتّحاد الفلسطينيّ لكرة القدم قد رشّح نيروخ إلى القائمة الدوليّة لعام 2018 لدى الاتّحاد الآسيويّ كحكم كرة صالات "خماسيّ" في 20 تشرين الأوّل/أكتوبر من عام2017 .
وقالت نيروخ :”أتّجه إلى الطريق
الصحيح للحصول على الشارة الدوليّة، فحرصت في الفترة الماضية على تعلّم
اللغة الإنكليزيّة وممارسة الرياضة في البيت والنادي لتعزيز لياقتي
البدنيّة ومواكبة المستجدّات في لوائح القوانين والقرارات الدوليّة
والآسيويّة، باعتبارها شروطاً لنيل الشارة. “
نيروخ، التي بدأت التحكيم في عام 2010، تشارك في تحكيم بطولات كرة القدم الخماسيّة
للسيّدات والفئات العمريّة للرجال، وكذلك في الدوريّات الكرويّة على
الملاعب الكبيرة للنساء وللفئات العمريّة المختلفة للرجال، كدوريّات
المحترفين، والمحترفين الجزئيّ، والمناطق.
وذاع صيت نيروخ في الخليل، بعد
إداراتها عدداً من المباريات للرجال، كان آخرها في 9 نيسان/إبريل في
التحكيم (حكم رابع) لمباراة فريقيّ شباب الخليل وهلال القدس على ملعب فيصل
الحسيني ضمن دوريّ الشباب لمواليد عام 1999. وفي اليوم الذي يليه، كانت
حكماً للراية في مباراة فريقيّ طارق بن زياد
وشباب الخليل ضمن الأسبوع الأخير من دوري مواليد 2004-2005 على استاد
الحسين بن عليّ الدوليّ في مدينة الخليل، وحظيت بإشادة على أدائها. وأشاد
مدرّب أشبال شباب الخليل فايز المحتسب بأداء نيروخ، قائلاً لـ"الساحة الفلسطينية":
"شكراً لنيروخ لإجادتها قيادة المباراة، فهي أثبتت جدارتها وتفوّقت على
الكثير من الحكّام الرجال، وقامت في بعض الأحيان بتصحيح قرارات حكم الساحة
خلال المباراة". أضاف: "تفاعل اللاّعبون إيجاباً مع نيروخ، لأنّها لم تتّخذ
قرارات خاطئة ضدّهم، وهذه المباراة الثانية لنا التي تشارك نيروخ في
إدارتها ضمن هذه البطولة، ولدينا انطباع ممتاز عن أدائها".
من جهته، أشاد محمّد الجعبري،
وهو أحد مشجّعي شباب الخليل، في حديث مع "الساحة الفلسطينية" بأداء نيروخ، مبدياً
عدم ممانعته في مشاركة النساء بالتحكيم الرياضيّ، خصوصاً في مباريات
الرجال، إذا أثبتن جدارتهنّ. أمّا صديقه سامي النتشة فعارضه، معرباً عن عدم
رضاه على مشاركة النساء في تحكيم مباريات الرجال، داعياً إلى أن يكون
مجالها في مباريات النساء فقط.
وبدأت رحلة نيروخ مع التحكيم
صدفة أثناء دراستها الإعلام في جامعة الخليل خلال عام 2010، حين التحقت في
دورة للتحكيم لمدّة ثلاثة أيّام في الخليل، بعد رؤيتها إعلاناً للاتّحاد
الفلسطينيّ لكرة القدم عن عقده دورة للتحكيم، فتقدّمت للاشتراك في الدورة
مع 50 شاباً من مناطق الضفّة، وكانت الفتاة الوحيدة بين المشاركين، وفق ما
قالته لـ"الساحة الفلسطينية".
وشكّلت هذه الدورة نقطة انطلاق
نيروخ، إذ جرى استدعاؤها بعدها للتحكيم في منافسات بطولة الكرة الخماسيّة
للفتيات في مدينة رام الله خلال عام 2010. وفي عام 2012، حصلت نيروخ على
المرتبة الأولى في امتحان نظريّ أجراه الاتّحاد الفلسطينيّ لكرة القدم
للإناث، ليتمّ ترشيحها من قبل رئيس الاتّحاد جبريل الرجوب كحكم رياضيّ من
فلسطين للمشاركة في مهرجان الواعدات الآسيويّ
في سيريلانكا، وفق ما قالته نيروخ، لتتمكّن بعد ذلك من الحصول على شهادة
تحكيم بعد اجتيازها اختباراً نظريّاً وفي مجال اللياقة البدنيّة خلال عام
2012، في دورة حكّام النخبة التي أقامها الاتّحاد الفلسطينيّ لكرة القدم
برعاية الاتّحاد الدوليّ لكرة القدم (الفيفا).
ورُشّحت نيروخ في عام 2017 من
قبل الاتّحاد الفلسطينيّ لكرة القدم لتحكيم مباريات الرجال في الخليل، وهو
الأمر الذي وافقت عليه نيروخ، رغم صعوبته، نظراً للعادات والتقاليد التي لا
تتقبّل هذا الأمر كثيراً في المحافظة، لتصبح بذلك الفتاة الفلسطينيّة
الأولى التي تُحكم مباريات كرة القدم للرجال في الخليل، ووصفت التجربة
قائلة: "كانت تجربة ناجحة ومليئة بالخبرة، لم يتقبّل اللاّعبون وجودي في
بداية الأمر كوني المرأة الأولى التي تحكم في ملاعب الرياضة بالخليل، ولكن
بعد ذلك تفهّموا الأمر".
وتصرّ نيروخ على مواصلة مسيرتها
في التحكيم، متحدّية كلّ الصعوبات لتحقيق حلمها، وقالت: "لديّ هدف سام
وأخلاقيّ أريد تحقيقه، وهذا ليس نكاية بأحد أو لكسر العادات والتقاليد
والوقوف ضدّها". أضافت: "عائلتي ومحيطي الاجتماعيّ يحترمان أهدافي، ولكن
يبقى المجتمع العام "ذكوريّاً"، والكثير من الناس لا تعجبهم ممارستي
التحكيم في مباريات الرجال"، لأنّهم يعتبرونها حكراً على الرجال فقط.
وأشارت نيروخ إلى أنّها لا
تكترث للتعليقات السلبيّة، وقالت: "ما يهمني الالتزام بتطبيق أنظمة اللعب
وضبط المباراة، وتطوير إمكاناتي واطلاعي على كلّ جديد. ومن أجل ذلك، أجد
تعاوناً ودعماً من قبل زملائي الحكّام الرجال ومن الاتّحاد الفلسطينيّ".
من جهته، قال مدير دائرة
التحكيم في الاتّحاد الفلسطينيّ لكرة القدم حسام الحسيني لـ"الساحة الفلسطينية":
إنّ دعم العنصر النسويّ في التحكيم هو أحد توجّهات الاتحاد، وياسمين من
الحكمات المميّزات وقد شاركت قبل 3 أشهر في دورة دوليّة مع "الفيفا" في
الأردن لأجل هذا الأمر. أضاف: إنّ نيروخ كانت ضمن فريق التّحكيم في نهائيّ
كأس فلسطين كحكم رابع، إضافة إلى مشاركتها في عدد من البطولات المختلفة،
ونحن نسعى إلى مشاركتها في أكبر عدد من البطولات لإكسابها الخبرة.
وأوضح أنّ الاتّحاد يحرص على
توفير التدريبات العمليّة والنظريّة بشكل مستمرّ لتطوير قدرات الفتيات
ومهاراتهنّ في مجال التحكيم ليصبحن قادرات على تحكيم الدوريّ النسويّ
ودوريّ المحترفين. ورغم نجاحها وإثبات جدارتها في تحكيم مباريات كرة القدم
واقترابها من نيل الشارة الدوليّة، فلا تخفي نيروخ رغبتها في إكمال مسيرتها
التعليميّة، إلى جانب رحلتها في مجال التحكيم، وتطمح للحصول على درجة
الماجستير في الإعلام الرياضيّ بالمستقبل.
أضف تعليق