مساحة إعلانية 728×90

ودائع الفلسطينين تصل 12 مليار دولار حتي نهاية اغسطس 2018


الساحة الفلسطينية - أعلن محافظ سلطة النقد الفلسطينيّة عزّام الشوّا خلال ورشة عمل عقدت في مدينة نابلس 2 أكتوبر أنّ حجم ودائع الفلسطينيّين (العملاء) في البنوك العاملة في فلسطين ناهزت مع نهاية شهر اغسطس 2018 الـ12 مليار دولار، وهو مبلغ ضخم نظرا للحالة الاقتصادية السيئة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وقال: "إنّ ودائع العملاء نمت بمعدّل سنويّ بلغ حوالى 8.5 في المئة خلال العقد الأخير، الأمر الذي يعكس مدى ثقة الجمهور بالقطاع المصرفيّ الفلسطينيّ".

وأشار الشوّا إلى أنّ "ودائع العملاء انقسمت كودائع جارية تحت الطلب (4.6 مليار دولار بنسبة 37.8 في المئة من اجمالي الودائع)، وودائع توفير(4.1 مليار دولار بنسبة 33.5 في المئة)، وودائع لأجل محدّد (3.5 مليار دولار بنسبة 28.7 في المئة)"، لافتاً إلى أنّ الضفّة حظيت بحصّة الأسد من الودائع، بمبلغ 11 مليار دولار (90.4 في المئة)، بينما بلغت حصّة غزّة 1.2 مليار دولار ( 9.6 في المئة).

وقال: "إنّ النموّ المطّرد في حجم ودائع العملاء لدى المصارف، وقدرتها على استثمار الجزء الأكبر من هذه الأموال في تقديم الإئتمان إلى الجمهور، مكّنا المصارف من تعميق دورها كوسيط ماليّ بين المودعين والمقترضين، وتمثّل ذلك في ارتفاع نسبة تسهيلات الإقراض لتصل في نهاية آب/آغسطس إلى 69.4 في المئة من مجموع ودائع العملاء، مقارنة بـ31.3 في المئة فقط نهاية عام 2008".

وبينّ الشوّا أنّ "ودائع العملاء في البنوك واستمرار النموّ فيها يعدّان مصدر قوّة للمصارف باعتبارها مصدر التمويل الرئيسيّ لأنشطتها، رغم خصوصيّة الحالة الفلسطينيّة المتمثّلة بعدم وجود عملة فلسطينيّة، وذلك بسبب توافر [N1] بيئة آمنة وفاعلة للعمل المصرفيّ في فلسطين".

وكانت سلطة النقد قد قامت بإنشاء المؤسّسة الفلسطينيّة لضمان الودائع، التي باشرت عملها في عام 2014، بناء على قرار بقانون صدر عن الرئيس محمود عبّاس في 29 أيّار/مايو من عام 2013، بهدف حماية صغار المودعين وتعزيز استقرار القطاع المصرفيّ وسلامته للمساهمة في التنمية الاقتصاديّة المستدامة، وتعزيز ثقة المتعاملين مع الجهاز المصرفيّ، ورفع مستوى توعية الجمهور على نظام ضمان الودائع.

ورغم انه لا يوجد معايير تفرق بين ودائع صغار الموديعين والشركات الكبيرة والصغيرة، الا ان حجم التأمين الموضوع لكل وديعة تجعل خسارة الموديعين الصغار في حالة الكوارث قليلة.

ونظراً للظروف السياسيّة والاقتصاديّة التي يمرّ بها الفلسطينيّون، فإنّ هذا المبلغ من الودائع يعتبر ضخماً، الأمر الذي يطرح استفسارات حول دلالات وأسباب لجوء الفلسطينيّين لحفظ أموالهم كودائع، وعدم استثمارها.

وقال بروفسّور الاقتصاد في جامعة "النّجاح" طارق الحاج لـ"المونيتور": "أعتقد أنّ ودائع الفلسطينيّين لم تصل إلى مبلغ 12 مليار دولار، فهذا الرقم مبالغ فيه".

وعزا طارق الحاج اعتقاده لأسباب مختلفة، أهمّها "أنّ الوضع الاقتصاديّ لا يؤهّل الفلسطينيّين امتلاك هذا المبلغ من الودائع، وأنّ المؤشّرات الاقتصاديّة الكليّة في ما يتعلّق بنسب البطالة والفقر عالية في فلسطين، الأمر الذي يعني أنّ المواطنين ليست لديهم ودائع بهذا الحجم. كما لا يوجد توضيح حول أصحاب هذه الودائع، فهناك فئة محدّدة وصغيرة تمتاز بالثراء في فلسطين"، في إشارة إلى إمكانيّة أن تكون تلك الودائع لهذه الفئة.

وتعدّ قيمة الودائع في البنوك صادمة، مقارنة بمعدّلات البطالة أو الأجور في فلسطين، إذ أظهرت نتائج الجهاز المركزيّ للإحصاء الفلسطينيّ المنشورة في 8 تمّوز/يوليو أنّ معدّل البطالة في فلسطين بلغ 32.4 بالمئة، في حين يتقاضى 32.8 بالمئة من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص أجراً شهريّاً أقلّ من الحدّ الأدنى للأجر (1,450 شيقلاً: 399 دولاراً).

وكشف أحدث تقرير للبنك الدوليّ والمنشور في 25 أيلول/سبتمبر من عام 2018 أنّ الاقتصاد في غزّة بحالة انهيار شديد تحت وطأة حصار منذ عشر سنوات وشحّ السيولة، إذ بلغ معدّل النموّ سالب 6 في المئة بالربع الأوّل لعام 2018، كما أنّ الوضع في الضفّة، وإن لم يكن بهذا القدر من السوء في الوقت الحاليّ، لكنّ النموّ الذي كان يحرّكه الاستهلاك في الماضي أخذ في التداعي. ومن المتوقّع، تباطؤ النشاط الاقتصاديّ بشدّة في الفترة المقبلة.

وعن عدم توجّه الفلسطينيّين إلى استثمار ودائعهم، قال الحاج: "هناك خصوصيّة لفلسطين تجعل المواطنين غير مقبلين على استثمار الأموال، لأنّ نسبة المخاطرة عالية جدّاً، لا سيّما المتعلّقة بالمتغيّرات والعوامل الخارجة عن سيطرتنا والمتمثّلة بالاحتلال الإسرائيليّ وقيوده على المنشآت والمصانع الفلسطينيّة، والهيمنة على الموارد، وقيوده على مستلزمات الاستثمار من موادّ إنتاج وحركة المعدّات وإتلافها وانتقال الأموال"، ما هذا يجعل المستثمر الفلسطينيّ يستعيض عن المشاريع الاستثماريّة بإيداع الأموال في البنوك، حتّى وإن كانت الفوائد التي يجنيها منخفضة جدّاً، علما انه لا يوجد فائدة موحدة ومحددة للودائع، اذ يحدد كل بنك حجم تلك الفائدة، حسب سياسته البنكية وقوته المالية.

بدوره، اعتبر منسّق البحوث في "معهد أبحاث السياسات الاقتصاديّة الفلسطينيّ – ماس" في حديث لـ"المونيتور"، أنّ مبلغ الـ12.2 مليار دولار كودائع هو مبلغ ضخم يعكس تطوّر القطاع المصرفيّ على مدى 20 سنة الاخيرة، الأمر الذي ساهم في تراكم رأس المال الفلسطينيّ في البنوك، وبالتالي انعكس ايجابا على توسع عمل البنوك في الاقراض.

وقال: هناك توسّع في الاستثمار العقاريّ الفلسطينيّ، وهذا يرتبط بحجم الودائع، التي يستخدمها القطاع المصرفيّ في منح تسهيلات إلى المقترضين، سواء القروض الدائمة أم الاستثماريّة أم الاستهلاكيّة.

وأوضح أنّ القروض الاستهلاكية تحتلّ رأس أولويّات الإقراض المصرفيّ الفلسطينيّ، تليها قروض الرهن العقاريّ، ثمّ الاستثمار الزراعة والصناعة وقروض الإنتاج، مشدّداً على ضرورة توجيه أشكال وسياسات الاستثمار لتحويل هذه الودائع إلى ذخيرة في التنمية، وهو الأمر الذي لا يحدث بشكل صحيح.

ولعلّ استمرار الظروف السياسيّة والاقتصاديّة غير المستقرّة في فلسطين، تزيد مخاوف الفلسطينيّين من إمكانيّة استثمار مدّخراتهم الماليّة، نظراً للمخاطر العالية المحدقة بها، ويفضّلون إيداعها في البنوك، كونها أكثر أماناً، وإن كانت الفوائد المترتّبة عليها أقلّ.

المصدر : صحيفة المونيتور

يتم التشغيل بواسطة Blogger.