مساحة إعلانية 728×90

الفصل السادس من رواية " ظل الزيتون "

 



رواية ظل الزيتون

الفصل السادس

الوصول إلى المجهول

ندما وصلت العائلة إلى المناطق الإنسانية في جنوب قطاع غزة، واجهتهم حقيقة قاسية: لم يكن هناك مكان كافٍ لاستيعاب أعداد النازحين الكبيرة. كانت كل بقعة من الأرض مليئة بالعائلات التي تبحث عن مأوى يحميها من القصف ومن عناء الرحلة.

لم يكن أمام عائلة أبو رامي خيار سوى الاعتماد على نفسها. في زاوية مهجورة، بعيدًا عن صخب الناس، جمعت العائلة بعض المواد البسيطة والمتاحة، وبدأت في بناء خيمة صغيرة. رغم تواضعها، كانت هذه الخيمة هي كل ما يملكونه الآن، وأصبحت ملاذهم الآمن الوحيد في تلك الأيام الحالكة.

وسط هذه الظروف الصعبة، جاءهم خبر من الشمال زاد من أوجاعهم. تلقى الأب رامي اتصالًا من أحد جيرانهم، يخبره بأن منزلهم في شمال غزة قد تعرض لقصف مباشر، مما أدى إلى تدمير جزء كبير منه. وقع الخبر على العائلة كالصاعقة، فقد كانوا يتمسكون بأمل العودة إلى منزلهم كما تركوه، لكن الآن أصبح هذا الأمل هشًا، والواقع أكثر قسوة.

كانت الحياة داخل الخيمة صعبة؛ المساحة ضيقة، والطقس غير مستقر. الرياح كانت تعصف بالخيمة ليلاً، والحرارة كانت لا تُحتمل خلال النهار. ومع ذلك، كانت الأم مريم تحاول دائمًا تحويل هذا المكان البسيط إلى منزل دافئ. جمعت بعض البطانيات التي تم توزيعها من قبل المنظمات الإنسانية، وجعلت منها فراشًا لأطفالها. وعلقت بعض الصور العائلية التي نجحت في إنقاذها من منزلهم في الشمال، كذكرى لحياة كانت مليئة بالأمان والدفء.

وفي يوم آخر، بينما كانت العائلة تجتمع حول وجبة بسيطة داخل الخيمة، وقع حادث مأساوي. سقطت قذيفة قريبة جدًا من موقعهم، مما أدى إلى استشهاد ابنهم البكر، يوسف. كان وقع الخبر كالصاعقة على الأب رامي والأم مريم. فقدان يوسف كان أكثر من مجرد خسارة لشخص عزيز؛ كان تذكيرًا مؤلمًا بأن الحرب لا تميز بين الصغير والكبير، ولا بين الجاني والضحية.

أصبحت الحياة في المخيم تجربة جديدة للعائلة. كان عليهم التكيف مع الظروف القاسية والاعتماد على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة. لم يكن هناك الكثير من الطعام، وكانت المياه شحيحة، لكنهم ظلوا متماسكين، يعتمدون على بعضهم البعض في مواجهة التحديات اليومية.

ومع مرور الأيام، بدأت العائلة في تكوين صداقات مع النازحين الآخرين. كانت القصص تتشابه، والألم مشترك، لكن الجميع كان يشارك بعضه البعض الأمل في أن تنتهي هذه المحنة قريبًا، وأن يعودوا يومًا ما إلى منازلهم وأرضهم.

ومع كل يوم يمر، كان هم النازحين يتعمق أكثر. أصبح الحلم الوحيد للجميع هو أن تنتهي الحرب قريبًا، ليتمكنوا من العودة إلى منازلهم في شمال القطاع. كانت غزة التي عرفوها قد أصبحت الآن مدينة منكوبة، دُمرت فيها ما يقارب 95% من مبانيها. كان الأمل في إعادة بناء غزة يعيش في قلوبهم، رغم كل شيء.

وفي نهاية هذا الفصل من الرواية، أكتب لكم هذه الكلمات على أمل أن أعود يومًا ما لأكتب الفصل الأخير، بعد أن تنتهي الحرب ونستطيع جميعًا البقاء على قيد الحياة. لعل هذا الأمل يبقى نورًا في ظلام هذه الأيام الصعبة، ويقودنا نحو غدٍ أفضل.

يتم التشغيل بواسطة Blogger.