مساحة إعلانية 728×90

لماذا يتفوق الغرب؟

بقلم: الشيخ نافذ عزام
من الواضح أن الغرب أقام حياته وفق أسس ومعايير تضمن استمرارها وتطورها، واستطاع أن يوفر للفرد أفضل الخدمات وأقصى درجات الرفاه.

ورغم انتقادنا الدائم للغرب ونمطه، وحديثنا المتكرر عن الضلال والمجون، فإننا افتقدنا –ونقصد الدول العربية والاسلامية-  للحياة الآمنة المستقرة، وتعثرت معظم مشاريع النهضة وتراكمت الآفات والأمراض والأزمات التي أحالت حياة الإنسان إلى معاناة لا تنتهي.. ونحن نظن أن بناء المجتمعات الناهضة لا يتحقق بالدعاء وحده، ولا يتحقق بمجرد الانتساب إلى الإسلام، الذي يُعد بكل موضوعية وشفافية، أفضل ما يمكن أن يجده الإنسان وهو يبحث عن التوازن والنظافة والطهارة...

لكن الانتساب للإسلام لا يمكن أن يكون بالعيش على أمجاد الماضي ولا حتى بالشعور بالتميز عن الآخرين من أصحاب العقائد الأخرى، عندما أراد أن يبني حياة كريمة ومستقرة، يحتاج إلى فهم طبيعة الحياة، وقوانين الصعود والهبوط، يحتاج إلى وضع الضوابط التي تكفل الحقوق للجميع، تحرر الفرد من الكسل والغرور والجهل.

إننا بصراحة نفتقد الأسس التي وضعها الغرب لبناء نهضته وتقدمه، ونُصر على أننا لا نتحمل أي قدر من المسؤولية وكلها تقع على عاتق أعدائنا.. قد يتحمل أعداؤنا هؤلاء بعض المسؤولية لكن ماذا عنا نحن؟! ماذا عن غياب التخطيط السليم, ماذا عن استشراء الفساد والمحسوبية وفقدان الحريات, ماذا عن الاستبداد والعشوائية والتنكر للهوية والتاريخ, ماذا عن غياب المحاسبة والملاحقة وانتشار التعصب وإذكاء العصبيات القبلية والقومية والمذهبية, ماذا عن غياب التضامن الاجتماعي وعدم اهتمام الحكومات والدول بالقضاء على المشكلات المستوطنة مثل الأمية والفقر والبطالة , ربما يفاجئنا حديث موجود عند الإمام مسلم في صحيحة, والإمام احمد في مسنده, يلامس هذا الأمر وفي وقت مبكر جدا فعن المستورد القرشي قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «تقوم الساعة والروم أكثر الناس» فقال عمرو بن العاص أبصر ما تقول!! فقال المستورد : «أقول: «سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ! قال عمرو : ان قلت ذلك ان فيهم لخصالا اربعة, انهم لأحلم الناس عند الغتنة واسرعهم اقامة عند المصيبة واوشكهم كثرة عند نفرة واجبرهم لمسكين ويتيم وضعيف, وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك..» حديث مدهش لو قيل اليوم لعبر عن الواقع بشكل صحيح ... الحديث يلخص لنا أهم أسباب بقاء الغرب زسيطرته وأهم العوامل التي تصنع التقدم والرفاه ... احلم الناس عند فتنة واسرعهم اقامة. تساهم ملامح السياسة الأمريكية الجديدة ولن يكون هناك مراعاة لأي اعتبارات كتلك التي حرصت الدبلوماسية الأممية على الالتزام بها.

إذا كانت أوروبا وأمريكا اللاتينية وبعض دول آسيا وأفريقيا قادرة على حماية نفسها والتمسك باستقلالية قراراتها واستخدام أوراق ضغط عديدة لتكتّف يد أمريكا والحد من عبثها، فإن المنطقة العربية ستكون أكثر من سيدفع ثمن التوجه الأمريكي الجديد، وأكثر من سيتعرض للضغط والابتزاز، لذلك لا خيار أمام قادة الدول العربية والإسلامية سوى التجمّع ومحاولة تنسيق المواقف والجهود لحماية الشعوب والدفاع عن الكرامة والسيادة والقُدس ... إن كل يوم يمر دون العمل لبناء استراتيجية جديدة يعني جراءة أميركية أكثر للاستمرار في زرع الفوضى والدمار والجوع والصراعات، مما يعني اتساع دائرة العنف والمعاناة في كثير من الدول العربية والإسلامية، فهل هذا ما يريده القادة العرب لشعوبهم ؟!

وخامسة حسنة جميلة كما قال عمرو بن العاص، وأمنعهم عن ظلم الملوك حيث لا يوجد حاكم للأبد، وتختفي شعارات الزعيم الملهم، الذي يأتي بالمعجزات، وأوجد الغرب النظم والقوانين التي تضمن تداولاً سلميًا للسلطة، ومهما قدم الرئيس أو الزعيم لشعبه، ومهما حقق من إنجازات فهناك انتخابات وهناك لوائح تحدد سنوات الحكم وتمنع التفرد والاستئثار بالسلطة،  وإقصاء الآخرين، هل عرفنا إذًا لماذا يتقدم الغرب ونتراجع نحن، لماذا يزدهر الغرب ونغرق في الظلام نحن، لماذا يبدع الغرب التكنولوجيا والحداثة ونتخبط نحن.

الدين ضروري للحياة وحياة الأفراد وحياة الأمم، لكنه الدين الذي يبعث على الحيوية ويدفع إلى الابداع، ويوفر العدالة والحرية والمساواة، ويتصدى للمحسوبية والتمييز والتسلط. هل عرفنا سبب قوة الغرب وسبب ضعفنا وتراجعنا ؟!

يتم التشغيل بواسطة Blogger.