مساحة إعلانية 728×90

غزة: خيط رفيع بين التهدئة والتصعيد



الساحة الفلسطينية - قال مراقبون فلسطينيون ان الوضع في قطاع غزة يتأرجح على خيط رفيع بين إتمام اتفاق تهدئة وتخفيف الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، أو تصعيد عسكري جديد مع إسرائيل لا يمكن معرفة عواقبه.
ويرى المراقبون، في تصريحات لوكالة أنباء "شينخوا"، أن الفصائل الفلسطينية وإسرائيل لا تظهران رغبة حتى الآن في التصعيد، إلا أن تطورات الوضع الميداني تبقي الاحتمالات مفتوحة إزاء تغيير مفاجئ في المعادلة.
واستشهد سبعة فلسطينيين بينهم طفل وأصيب عشرات آخرون برصاص إسرائيلي في الاحتجاجات الأسبوعية يوم الجمعة ضمن مسيرات العودة المستمرة منذ 30 آذار/مارس الماضي على حدود قطاع غزة.
ورفع ذلك إجمالي حصيلة الشهداء الفلسطينيين في مسيرات العودة المذكورة إلى أكثر من 200 شهيد من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر على تفاهمات عملية تخفف من حدة التوتر الميداني واحتمالات التصعيد.
وفي دلالة على ذلك علقت إسرائيل إدخال وقود صناعي لمحطة توليد كهرباء غزة حتى إشعار آخر عقب تظاهرات يوم الجمعة، واشترطت لأي خطوات إنسانية وقفا كاملا لأحداث "العنف" على الحدود ووقف مسيرات العودة.
وأعلن رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية أمس السبت خلال تشييع شهداء تظاهرات الجمعة، أن مسيرات العودة "ستتواصل حتى رفع كامل للحصار" الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ منتصف العام 2007.
وبحسب المحلل السياسي من غزة عدنان أبو عامر فإن كلا من حماس وإسرائيل "يشدان الحبل أكثر فأكثر" فيما يتعلق بالضغط لتعزيز موقف كل منهما، بين متطلبات التهدئة أو احتمالات التصعيد.
ويقول أبو عامر، إن اشتراطات إسرائيل لأي خطوات إنسانية تجاه قطاع غزة ما تزال على حالها باشتراط "الهدوء التام"، فيما تظهر الفصائل الفلسطينية "موقفا حذرا من تصديق أي رواية ووعد وتبادل رسائل".
ويضيف "ما زال أمامنا المزيد من الوقت لرؤية حلحلة في الموقف الإسرائيلي من رفع حصار غزة، وقد يكون الأمر ليس بمعجزة، لكنه ليس سهلا مع بقاء الاعتبارات ذاتها التي أعاقت إنجاز أي تسوية حتى الآن".
واشترطت إسرائيل مرارا تفكيك سلاح حماس والفصائل الفلسطينية وتسليم جنودها المحتجزين في غزة من أجل الموافقة على خطوات جوهرية لتخفيف حصار القطاع.
في المقابل، تؤكد الفصائل الفلسطينية أن مسيرات العودة "ذات طابع سلمي جماهيري للمطالبة برفع كامل للحصار" في ظل التدهور الشديد للأوضاع الإنسانية لسكان القطاع كما تؤكد الأمم المتحدة.
ودأب وسطاء من مصر وقطر والأمم المتحدة في الفترة الأخيرة إجراء اتصالات سريعة بغرض تهدئة الأوضاع واحتواء التوتر في قطاع غزة من دون إعلان أي تفاهمات تضمن عدم تكرار التوتر مجددا في أي وقت.
وأعلنت حماس عن مساع من الأمم المتحدة ومصر وقطر لتثبيت اتفاق تهدئة مقابل رفع الحصار "من دون دفع أثمان سياسية" وهو أمر لم تؤكده إسرائيل رسميا.
وتتحدث تقارير إعلامية أن الوساطات تتركز على تسهيلات إنسانية وضخ أموال بغرض الانعاش الاقتصادي في قطاع غزة وخلق فرص عمل، مقابل تكريس وقف إطلاق النار لسنوات.
ويرى المحلل السياسي من رام الله عبد الناصر النجار، أن "حماس الحاكم الفعلي للقطاع معنية أكثر بالهدوء، بمعنى عدم التصعيد العسكري، لكن في الوقت نفسه الإبقاء على مسيرات العودة للضغط من أجل رفع الحصار".
ويقول النجار، إن "الوضع في غزة يتأرجح على خيط رفيع بين استقرار الوضع على ما هو عليه أو الانزلاق إلى تصعيد عسكري قد لا يحتاج لأكثر من تطور ميداني مفاجئ".
ولتفادي ذلك، يشدد النجار على أن الوضع في قطاع غزة بحاجة إلى "استراتيجية وطنية قائمة على مصلحة الشعب الفلسطيني، لا تحطيم الرؤوس بين رام الله وغزة، لأن الوضع خطير وأقرب إلى الجمر المتقد تحت طبقة رقيقة من رماد التهدئة".
ويعاني قطاع غزة من انقسام داخلي مع الضفة الغربية منذ سيطرة حركة حماس على الأوضاع فيه بالقوة قبل 11 عاما، بعد جولات اقتتال مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.
وتتعثر جهود المصالحة الفلسطينية رغم توقيع عدة اتفاقات سابقة برعاية عربية متعددة أهمها من مصر على مدار سنوات الانقسام الداخلي.
وآخر اتفاق وقع بين حركتي فتح وحماس في تشرين اول/ أكتوبر الماضي برعاية مصر، نص على تسليم حكومة الوفاق الفلسطينية إدارة قطاع غزة، إلا أنه تعثر بسبب خلافات بين الحركتين بشأن تنفيذ بنوده.
وأخيرا، هدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس باتخاذ قرارات "حاسمة" ضد قطاع غزة بما في ذلك وقف التمويل الكامل له في اجتماعات للمجلس المركزي الفلسطيني ستعقد نهاية الشهر الجاري.
كما أعربت السلطة الفلسطينية عن احتجاجها على مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف على خلفية قيادته جهود التهدئة في غزة بمعزل عنها.
ويحذر المحلل السياسي من غزة أكرم عطا الله من اتخاذ إجراءات جديدة من السلطة الفلسطينية تجاه غزة "تهدد بتكريس فصل القطاع ودفع عملي لخطوات تتم لتحقيق ذلك بقرار أمريكي وبتواطؤ دولي في مسار تم التدحرج له منذ سنوات الانقسام".
وينبه عطا الله إلى ضرورة الالتفات إلى أن تكريس فصل غزة يتم من بوابة التدخل الإنساني "ما يتطلب التفكير بكيفية عودة غزة لولاية السلطة الفلسطينية، خاصة بعد أن ثبت أن الإجراءات السابقة زادت من تباعد القطاع وليس إعادته".
ويشدد على أنه "فقط بالمصالحة والانتخابات وبناء نظام سياسي للضفة وغزة وبالشراكة الوطنية، يمكن قطع الطريق على تكريس فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، أما توجيه الاتهامات والانتقادات واتخاذ الإجراءات الاحادية فلا يصنع سياسة".
يتم التشغيل بواسطة Blogger.