مقترح ترامب لوقف الحرب في غزة: بين هدنة الرهائن و«اليوم التالي» بإدارة أمريكية — المواقف والسيناريوهات المحتملة

مقترح ترامب لوقف الحرب في غزة: بين هدنة الرهائن و«اليوم التالي» بإدارة أمريكية — المواقف والسيناريوهات المحتملة

مقترح ترامب لوقف الحرب في غزة: بين هدنة الرهائن و«اليوم التالي» بإدارة أمريكية — المواقف والسيناريوهات المحتملة

غزة ووقف إطلاق النار

على وقع حربٍ ممتدة وكارثة إنسانية غير مسبوقة، برز خلال الأسابيع الماضية ما بات يُعرف إعلاميًا بـ«مقترح ترامب» لوقف الحرب في غزة. المقترح يحمل شقّين متوازيين: الأول هدنة/تبادل رهائن وأسرى قريب المدى، والثاني رؤية «اليوم التالي» بإشراف أمريكي أطول مدى. بين هذين المسارين تتقاطع مواقف إسرائيل وحماس والدول العربية، وتتولد سيناريوهات متباينة لما قد يحدث خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.

أولًا: مسار الهدنة — «إطلاق الجميع مقابل الجميع»

يقوم التصور القصير المدى على وقف إطلاق نار فوري مقابل إطلاق جميع الرهائن المحتجزين لدى حماس في اليوم الأول من الهدنة، على أن تُفرج إسرائيل عن أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين ضمن جدول زمني متدرّج، ويترافق ذلك مع فتح مسارات الإغاثة ورفع قيود إدخال الغذاء والدواء والوقود. هذا المسار يُسوَّق كـ«فرصة أخيرة» لالتقاط الأنفاس وتهيئة مفاوضاتٍ أوسع حول الترتيبات الأمنية والإنسانية داخل القطاع.

لماذا يلقى دعمًا دوليًا؟

  • أولوية إنسانية عاجلة: حماية المدنيين واستعادة الرهائن وتخفيف الحصار.
  • قابلية التنفيذ: معظم عناصره جُرّبت في صيغ سابقة (هدنة 6–8 أسابيع قابلة للتمديد) ويمكن مراقبتها دوليًا.
  • ضغط الرأي العام: داخل إسرائيل بسبب ملف الرهائن، وداخل/خارج غزة بسبب الكلفة البشرية.

ثانيًا: مسار «اليوم التالي» — وصاية/إدارة انتقالية بإشراف أمريكي

المسار الأبعد مدى يعتمد تصورًا مُسرّبًا لهيكلية إدارة أمريكية/دولية تحت اسم GREAT Trust، يمتد لسنوات، يتضمن:

  • إدارة انتقالية لشؤون القطاع وإعادة الإعمار.
  • «إعادة توطين مؤقتة» لشطرٍ من السكان خارج غزة أو إلى «مناطق آمنة» داخلها خلال الإعمار.
  • حوافز مالية (منح بالدولار) و«توكنز رقمية» تمثل حقوق سكن لاحقة في «مدن ذكية» تُبنى مستقبلًا داخل غزة.
  • تحويل غزة إلى منطقة استثمار سياحي–تقني (وُصفت إعلاميًا بـ«ريفيرا الشرق الأوسط»).

هذا الشقّ أثار اعتراضاتٍ حقوقية وسياسية واسعة، خصوصًا فيما يتعلّق بشبهة النقل/التهجير القسري ومشروعية «الوصاية» وطبيعتها وسقفها الزمني.

مواقف الأطراف من المقترح

1) إسرائيل

  • في ملف الهدنة: الحكومة «تدرس» صيغ التبادل والوقف المؤقت لإطلاق النار تحت ضغط ملف الرهائن والرأي العام. لكن خطاب القيادة السياسية لا يزال مشدّدًا على «استمرار العمليات» حتى تحقيق أهدافها.
  • في «اليوم التالي»: الانفتاح على ترتيبات انتقالية محدودة بضمانات أمنية، مع تحفّظات على أي وصاية مباشرة طويلة أو اشتراطات «إعادة توطين» خارجية تثير حساسية داخلية وخارجية.

2) حماس

  • في ملف الهدنة: «إيجابية مشروطة» ترتبط بوقفٍ شامل للحرب، وانسحاب، وضمانات دولية.
  • في «اليوم التالي»: رفض أي سيناريو يُفهم كتهجير قسري أو وصاية تُقصي الفلسطينيين عن إدارة أرضهم.

3) الدول العربية (مصر، قطر، السعودية، الأردن، الإمارات)

  • تدعم هدنة فورية وتبادلًا يوقف القتال ويفتح الإغاثة.
  • ترفض إعادة التوطين خارج غزة، وتدفع نحو خطة عربية لإدارة مدنية–أمنية انتقالية داخل القطاع، تمهيدًا لمسار سياسي أوسع.

4) الولايات المتحدة/البيت الأبيض

  • تضغط لتمرير هدنة/تبادل عبر قنوات رسمية وخلفية لضمان التنفيذ.
  • تستكشف تصورات «اليوم التالي»، لكن عناصر «الوصاية» و«النقل المؤقت» تصطدم بانتقادات قانونية وسياسية.

5) منظمات حقوقية وإعلام دولي

تحذّر من أن أي «نقل مؤقت شامل» للسكان يلامس تعريف التهجير القسري المحظور دوليًا، وتعتبر اللغة الوردية عن «مدن ذكية/ريفيرا» غير واقعية في ظل الدمار والحصار.

أين يقف ملف الهدنة الآن؟

الإطار العام معروف: هدنة أولية لنحو 6–8 أسابيع، إطلاق شامل للرهائن مقابل دفعات كبرى من الأسرى، توسيع الممرات الإنسانية، والانتقال إلى مفاوضات أعمق حول الانسحاب والترتيبات الأمنية. عقدة الخلاف هي الضمانات والتسلسل: من يضمن؟ بأي آلية؟ وما شكل الإدارة الميدانية أثناء الهدنة وبعدها؟

السيناريوهات المحتملة

السيناريو 1 — هدنة/تبادل على مراحل (الأرجح)

إطلاق جميع الرهائن مقابل أعداد كبيرة من الأسرى، هدنة قابلة للتمديد، تدفّق مساعدات على نطاق واسع، ثم مفاوضات حول ترتيبات أمنية ومدنية داخل غزة بغطاء عربي–دولي. العقبات: ملف الانسحاب، هوية القوة الضابطة ميدانيًا، وآليات المراقبة.

السيناريو 2 — هدنة قصيرة تنهار ثم عودة للقتال

إذا فشلت ترتيبات الانسحاب والإدارة خلال الهدنة، قد يتجدد القتال بوتيرة أعلى حول مراكز حضرية رئيسية. احتمال متوسط قياسًا بخطاب التشدّد لدى أطراف في الحكومة الإسرائيلية.

السيناريو 3 — إدارة انتقالية عربية–دولية داخل غزة

تفضله العواصم العربية: إدارة مدنية وأمنية انتقالية من دون تهجير، تتكئ على دعم أمريكي وتمويل إعادة إعمار، مع تفاوض أطول حول نزع/ترتيب السلاح والحدود والمعابر.

السيناريو 4 — وصاية أمريكية و«إعادة توطين مؤقتة» (الأضعف)

احتماله سياسيًا ضعيف حاليًا بسبب الرفض العربي والحقوقي، والمخاطر القانونية والإنسانية، وصعوبة تسويقه دوليًا وفي الشارع الفلسطيني.

خلاصة

«مقترح ترامب» يتفرّع إلى مسارين: هدنة/تبادل قريب المدى ذو فرص أعلى للنجاح إن توافرت ضمانات أمريكية–عربية للطرفين، ورؤية «اليوم التالي» التي تصطدم باعتراضات واسعة، خصوصًا أي حديث عن «نقل مؤقت» للسكان. نجاح أي مسار يتوقف على ثلاث عقد: الانسحاب، من يدير غزة، والضمانات التي تمنع تجدد القتال.

يتم التشغيل بواسطة Blogger.